تابعت كما تابع الكثيرين و تضررت كما تضرر الكثيرين من القيود المفروضة علي إستخدامات البطاقات البنكية في الخارج و لكنني أحاول أن أفهم و أحلل التداعيات. لا شك أن هناك تداعيات إقتصادية كثيرة للإستخدامات الإنتهازية التي تتلخص في إستفادة البعض من فرق السعر بين السعر الرسمي و سعر السوق الموازية للدولار. الحيل تتلخص ببساطة في إستخدام الكروت في الخارج لمبلغ معين يتم “تكييشه” أي يتم تحويله إلي مبلغ نقدي، يعود به المواطن من الخارج ليبيعه بسعر السوق الموازية و يسدده للبنك بالجنيه المصري محسوباً باليعر الرسمي.
بحسبة بسيطة نجد أن من يستطيع القيام بهذه الحيلة في حدود ١٠ آلاف دولار أمريكي شهرياً يحقق ربح من فارق السعر في حدود ٥٠ ألف جنيه مصري.
في مواجهة هذه الأفعال و الحيل قامت البنوك بتخفيض حدود الصرف في الخارج حتي وصلت إلي صفر لبطاقات الخصم و ١٠٠ دولار لبطاقات الإئتمان في بعض البنوك.
لن أتطرق في هذه التدوينة الي التداعيات الإقتصادية التي منها زيادة الطلب علب الدولار في السوق الموازية لأغراض السفر مما يرفع السعر إلخ.
المشكلة الأكثر خطورة من وجهة نظري هي التهديد الأمني الناتج عن هذا الفارق في سعر العملة مما يتيح لأي كيان منظم تجميع كمية كبيرة من النقد المصري لتمويل نشاطات غير التربح الشخصي.
علي سبيل المثال، لو فيه كيان محظور كان أم معلن، له عدد أعضاء محبين أو مؤيدين إلخ نجح في تجميع ٢٥٠ ألف بطاقة إئتمان في مصر و نجح في “تكييش” ١٠٠ دولار عن كل بطاقة شهرياً و قام ببيعها في السوق الموازية فإنه في إستطاعة هذا الكيان بعد أن يسدد لأعضائه ما تم خصمه بالعملة المحلية و هامش بسيط نظير “تعب” العضو أن يجمع مبلغ يفوق ال ١٠٠ مليون جنيه شهرياً دون تحميل أعضائه أي مبلغ أو تبرع إلخ. في الحقيقة يكون الكيان قد جمع المبلغ من الإقتصاد المصري في صورة دعم حكومي للجنيه المصري.
السؤال الذي أطرحه هنا، هل ممكن أن يكون هناك كيان مثل هذا في مصر؟ و لو فيه كيان بهذا التنظيم و قام بتجميع ١٠٠ مليون جنيه كل شهر، ماذا سيفعل بهم؟ هل سيتبرع بهم مثلاً لمستشفي سرطان الأطفال؟ هل سيتم إستخدام المبلغ في تمويل عمليات إرهابية؟ هل سيتم إستخدام المبالغ لأغراض سياسية مثل إنتخابات محليات؟ أو إنتخابات مجلس نواب؟
حتي لو فرض إن هذا الكيان لن يقوم بتمويل أي نشاط الآن، قد يكون الغرض هو الإكتناز لزيادة الضغط علي البنوك لتقلل حدود السحب أكثر فأكثر فيزداد الطلب علي العملة الصعبة ليشكل ضغط إضافي و إحتقان عند شرائح من المجتمع قد لا تكون بالضرورة مؤيدة لهذا التنظيم أو الكيان.
الحل إننا نقفل الثغرة دي و بسرعة. و الثغرة مش ممكن تتقفل بأي إجراءات أو قيود علي الإستخدام لأنه ببساطة أي كيان منظم حيعرف يلاقي طريقة أخري للتحايل و الطلب الحقيقي و المشروع سيتجه للسوق الموازية ليشكل ضغط إضافي علي الجنيه.
الحل من وجهة نظري هو التعويم ليتلاشي فرق السعر و معه إمكانيات أي كيان أو تنظيم من تحقيق ربح سهل و سريع لتمويل نشاطات هذا الكيان أي كانت.